Followers

Thursday, March 26, 2015

في الأيام القديمة، كنت أكره الطعام الصعيدي الذي تعده أمي، من يصنع ارز باللبن حادق لإفطار؟ الارز باللبن يكون حلوا فقط ومزين بحبات الزبيب شديدة الحلاوة، بل بالكثير منها، من يرغب في تناول الخبز الشمسي المنتفخ الذي يتفتت في طبق الملوخية من يدي الصغيرة وأظل بائسة محاولة التقاط قطعة الخبز ملوثة أصابعي الصغيرة-حينها - بالطبيخ الساخن، كنت أفضل البطاطس المحمره والسباجيتي بصلصة الطماطم الكثيفة، وفي المدرسة كنت أكره شطائر المربى التي تعدها أمي من مختلف انواع الفاكهة التي تقع يدها عليها، حتى الطماطم لم تنجو منها، كرهت على الأكثر مربى الجوافة لأن ابي ذات يوم احضر صندوقا طازجا منها للبيت في أول الموسم فانتهى به الامر كله في أقنية المربى وشطائرنا المدرسية لفصل دراسي كامل، أفهم تماماً لما كرهت الجوافة والمدرسة ووجبة الغداء حينها، لكني لا أفهم لما اشتهي كل هذا الآن، ربما هو جزء من المرحلة العمرية والتي تحّن فيها لكل ما يذكرك بأيامك الأولى، أيامك الأفضل غالباً، صفر هموم ومشاكل، لا أعرف أيضاً لما أكتب كل هذا الآن وقد كنت فتحت الصفحة البيضاء للكتابة فقط عنك يا محمد، افتقدك بشدة، افتقد رقتك الشديدة ونظراتك الحانية وابتسامتك الطيبة، افتقد وجودنا معا ونزهاتنا الفقيرة السعيدة التي لم تتجاوز مقابلاتنا الصباحية لتوصلني للعمل أو التسكع في الشوارع والحدائق العامة، أعرف أن لك كل الحق في أن تكرهني، لم أكن اتحمل طيبتك، اعترف لك الآن أن طيبتك الشديدة معي كانت تؤرقني وتغضبني، لأنني كنت اعرف ان طريقنا لن يكتمل، وانني سأفقدك، وانك ستكرهني، وانك لن تفهم انني عانيت بشدة قبل وجودك في حياتي، وانني اصبحت هشة وعصبية والكثير من الأشياء التي لم تكن بطبيعتي قبلا، أقصد في الأيام القديمة، كنت بحاجة لتكون أبي وليس حبيبي، وانت اردت الاثنين وأكثر، وهذا أكثر مما استحق وأطيق، كنت تحلم ببيت صغير وهادئ وتقليدي وأنا الفاره من كل ما يزكرني بحياتي السابقة شديدة الحفاظ والانغلاق، حاولت كثيراً ان استعيدك كصديق لكنك لم تقبل، انت اختفيت بعد ان قضينا زمناً كأصدقاء، لكن يبدوا ان هذا ما اعتقدته انا وانك كنت مازلت تحمل مشاعرك الطيبة نحوي، لك الحق في ان تختار من تريده في حياتك، اعتذر لك كل يوم عن اي ضيق قابلت بيه طيبتك واي سخف قد أكون مارسته تجاهك بلا قصد او استيعاب، فانت تعرف، ليس سهلا ان تستوعب ذاتك وتعرف من انت، لا أحد يخبرك من انت الحقيقية، تعرفها بنفسك مع الكثير من الوقت والكثير الكثير من الألم.    

حبيبى